الأربعاء، 17 أبريل 2013

الخنساء أشعر الجن والإنس

الخنساء واسمها تماضر بنت عمرو السلمية (ولدت سنة 575 م وتوفيت سنة 24 هـ 645 م)، صحابية وشاعرة مخضرمة من أهل نجد أدركت الجاهلية والإسلام وأسلمت، واشتهرت برثائها لأخويها صخر ومعاوية الذين قتلا في الجاهلية.  لقبت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها.


ولعل موقفها يوم القادسية لخير دليل على صبرها وثباتها وحسن ايمانها، فقد خرجت في هذه المعركة مع المسلمين في عهد عمر ومعها أبناؤها الأربعة وهم عمرة، عمرو، معاوية ويزيد. وهناك وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت: يا بني لقد أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة، ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم.. إلى أن قالت: فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها، وجعلت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
وعندما دارت المعركة استشهد أولادها الأربعة واحدا بعد واحد، وحينما بلغ الخنساء خبر مقتل أبنائها الأربعة قالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته).

قال عنها النابغة الذبياني: "الخنساء أشعر الجن والإنس"

وهذه واحدة من قصائدها


قذى بعينك أم بالعين عوار
أم ذرفت إذ خلت من أهلها الدار
كأن عيني لذكراه إذا خطرت
فيض يسيل على الخدين مدرار
تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهت
ودونه من جديد الترب أستار
تبكي خناس فما تنفك ما عمرت
لها عليه رنين وهي مفتار
تبكي خناس على صخر وحق لها
إذ رابها الدهر إن الدهر ضرار
لا بد من ميتة في صرفها عبر
والدهر في صرفه حول وأطوار
قد كان فيكم أبو عمرو يسودكم
نعم المعمم للداعين نصار
صلب النحيزة وهاب إذا منعوا
وفي الحروب جريء الصدر مهصار
يا صخر وراد ماء قد تناذره
أهل الموارد ما في ورده عار
مشى السبنتى إلى هيجاء معضلة
له سلاحان أنياب وأظفار
وما عجول على بو تطيف به
لها حنينان إعلان وإسرار
ترتع ما رتعت حتى إذا ادكرت
فإنما هي إقبال وإدبار
لا تسمن الدهر في أرض وإن رتعت
فإنما هي تحنان وتسجار
يوما بأوجد مني يوم فارقني
صخر وللدهر إحلاء وإمرار
وإن صخرا لوالينا وسيدنا
وإن صخرا إذا نشتو لنحار
وإن صخرا لمقدام إذا ركبوا
وإن صخرا إذا جاعوا لعقار
وإن صخرا لتأتم الهداة به
كأنه علم في رأسه نار
جلد جميل المحيا كامل ورع
وللحروب غداة الروع مسعار
حمال ألوية هباط أودية
شهاد أندية للجيش جرار
نحار راغية ملجاء طاغية
فكاك عانية للعظم جبار
فقلت لما رأيت الدهر ليس له
معاتب وحده يسدي ونيار
لقد نعى ابن نهيك لي أخا ثقة
كانت ترجم عنه قبل أخبار
فبت ساهرة للنجم أرقبه
حتى أتى دون غور النجم أستار
لم تره جارة يمشي بساحتها
لريبة حين يخلي بيته الجار
ولا تراه وما في البيت يأكله
لكنه بارز بالصحن مهمار
ومطعم القوم شحما عند مسغبهم
وفي الجدوب كريم الجد ميسار
قد كان خالصتي من كل ذي نسب
فقد أصيب فما للعيش أوطار
مثل الرديني لم تنفذ شبيبته
كأنه تحت طي البرد أسوار
جهم المحيا تضيء الليل صورته
آباؤه من طوال السمك أحرار
مورث المجد ميمون نقيبته
ضخم الدسيعة في العزاء مغوار
فرع لفرع كريم غير مؤتشب
جلد المريرة عند الجمع فخار
في جوف لحد مقيم قد تضمنه
في رمسه مقمطرات وأحجار
طلق اليدين لفعل الخير ذو فجر
ضخم الدسيعة بالخيرات أمار
ليبكه مقتر أفنى حريبته
دهر وحالفه بؤس وإقتار
ورفقة حار حاديهم بمهلكة
كأن ظلمتها في الطخية القار
ألا يمنع القوم إن سالوه خلعته
ولا يجاوزه بالليل مرار
  • وقي الرثاء لأخيها صخر:
أعينى جودا ولا تجمدا
ألا تبكيان لصخر الندى
ألا تبكيان الجرئ الجميل
ألا تبكيان الفتى السيدا
طويل النجاد رفيع العماد
ساد عشيرته أمردا
إذا القوم مدوابأيديهم
إلى المجد مد إليه يدا
فنال الذى فوق أيديهم
من المجد ثم مضى مصعدا

               ترى الحمد يهوى إلى بيته
يرى أفضل الكسب أن يحمدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق